صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح يشيد بدور المرأة الكويتية في التنمية الشاملة ويؤكد: شريك أساسي في بناء الوطن وتمثيله دوليا
بقلم الشيخة/ سهيلة فهد الصباح

في يوم المرأة الكويتية، تفتح الكويت صفحات مشرقة من تاريخها المضيء بإنجازات نسائها، وقد جاءت كلمات صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لتضيء هذا المسار بكل فخر واعتزاز، مؤكدًا أن المرأة الكويتية تمثل ركيزة أساسية في مسيرة التنمية والتقدم الوطني، ومشيدًا بدورها البارز والفاعل في مختلف القطاعات، محليًا ودوليًا. وحديث صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لم يكن مجرد إشادة عابرة، بل اعترافًا رفيعًا بمكانة المرأة في بناء الكويت الحديثة. فقد أدركت القيادة السياسية مبكرًا أن مشاركة المرأة ليست خيارًا، بل ضرورة وطنية. ولم تكن هذه المشاركة وليدة اللحظة، بل هي ثمرة عقود من العطاء والثبات، حيث شاركت المرأة جنبًا إلى جنب مع الرجل في كل معارك البناء، وسجلت مواقف بطولية أثناء الاحتلال العراقي جسّدت فيها أسمى معاني الفداء والصمود.
فاليوم، تتصدر المرأة الكويتية المشهد الوطني بروح متجددة في ظل بيئة تشريعية داعمة وطموحات تنموية كبرى. فقد حققت مكتسبات سياسية بارزة، وعلى رأسها نيل كامل حقوقها السياسية، مما يُعدّ شاهدًا على كفاءتها في تحمل المسؤوليات القيادية، حتى غدت وزيرة ونائبة وسفيرة، وبات حضورها ملموسًا في المؤسسات الرسمية والخاصة على حد سواء. ولكن هذه الإنجازات لم تأتِ دون عقبات. فقد واجهت المرأة الكويتية عوائق اجتماعية وثقافية متجذرة، إلا أنها تجاوزتها بإصرار وثقة. وكان التعليم حليفها الأول، فتصدرّت نتائج أمتحانات المراحل الدراسة المختلفة، وفتحت أمامها آفاقًا واسعة في مختلف التخصصات، لاسيما العلمية والبحثية، مما أسهم في بروزها المهني في ميادين متعددة. وفي المجال الاقتصادي، كانت المرأة الكويتية شريكًا فاعلًا في التنمية من خلال مشاريع ريادية ناجحة، ومساهمات ملموسة في السوق المحلي والعالمي. ولم تغب عن مشهد الابتكار والتكنولوجيا، إذ برزت نساء كويتيات في مجال التحول الرقمي، مؤكدات قدرة المرأة على الإبداع في الاقتصاد المعرفي والانخراط في التقدم التكنولوجي.
أما على الصعيد الدولي، فقد أصبحت المرأة الكويتية وجهًا مشرقًا يمثل البلاد في المحافل العالمية. وحصدت العديد من الجوائز الدولية تقديرًا لعطائها، سواء في المجال الأكاديمي، أو الدبلوماسي، أو العمل الإنساني. وقد لعبت الدبلوماسيات الكويتيات دورًا محوريًا في تعزيز صورة الكويت الدولية، وترسيخ علاقاتها الخارجية. ومن جهة أخرى، أسهمت المرأة في العمل التطوعي والاجتماعي بشكل كبير، حيث كانت دومًا حاضرة في المبادرات الإنسانية والمجتمعية. وبرزت الجمعيات النسائية كمحركٍ فعال في قضايا التوعية وحقوق المرأة، ومساهم رئيس في الحراك الاجتماعي العام. ولقد جاء الدعم الرسمي مكمّلًا لهذا الحراك النسائي، فقد وفّرت الدولة إطارًا تشريعيًا داعمًا لتمكين المرأة، وشجّعت على وصولها إلى مراكز صنع القرار، سواء في البرلمان أو الوزارات أو الهيئات الرسمية. وجاءت كلمات سمو الأمير في هذه المناسبة تجديدًا للعهد مع المرأة، ودعوة لاستمرار تمكينها وتذليل العقبات أمام طموحاتها. كما لا تزال تسعي المرأة الكويتية إلى زيادة مشاركتها في الابتكار والبحث العلمي. إضافة إلى تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية.
وفي ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، تبرز فرص جديدة للمرأة الكويتية. إذ يُمكن للتحول الرقمي أن يُعيد تشكيل مفهوم العمل، ويمنح النساء فرصًا أوسع للتعلم والابتكار والعمل الحر. ومع انتشار الحكومة الإلكترونية ومنصات التعليم والتدريب عن بعد، أصبح بإمكان المرأة تطوير مهاراتها دون عوائق زمنية أو مكانية. ومن الضروري أن تترافق هذه التحولات مع جهود إعلامية تعزز صورة المرأة، وتبرز قصص النجاح الملهمة التي تمثل نماذج يُحتذى بها. كما تسعي الكويت إلي إشراك المرأة الكويتية بشكل أكبر في صياغة السياسات العامة، وإعطائها المساحة لتعبّر عن رؤاها وتطلعاتها. فالمرأة الكويتية اليوم تمثل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، حيث استطاعت أن تُوازن بين الحفاظ على الهوية الثقافية والانفتاح على العالم. وهي بذلك تُلهم النساء في المجتمعات الخليجية والعربية الأخرى، وتُثبت أن التقاليد لا تتناقض مع التقدم، بل يمكن أن تكون منطلقًا له.
ولقد أكد صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في كلمته أن المرأة الكويتية تستحق التقدير والثقة، وأنها شريكة أساسية في صناعة مستقبل الكويت. ويُدرك الجميع اليوم أن المجتمعات لا تُبنى بنصف قوتها، بل بكل طاقتها البشرية، رجالاً ونساءً. ونحن اليوم أمام جيل نسائي جديد، لا يعرف المستحيل، ويؤمن أن المستقبل يُصنع بالعلم، والعمل، والإبداع. ومن واجب الدولة والمجتمع دعم هذا الجيل، بتوفير بيئة محفزة للتطوير والابتكار، ووضع سياسات مستدامة تضمن استمرار هذا التقدم. إن العالم يتغير بسرعة، والكويت لا يمكنها أن تواكب هذا التغيير من دون نسائها. فالمرأة تمثل العمق المجتمعي، والركيزة الإنسانية، والطاقة الكامنة التي تنهض بالأمم وتدفعها نحو المستقبل. ولذلك، نحتفل اليوم بالمرأة الكويتية، ونُقدّر نضالها، ونفتخر بإنجازاتها، ونراهن على طموحاتها. فهي شريكة في الحلم الكويتي، وصوت الإصلاح، وأمل التجديد، وجذور الانتماء. وستظل الكويت عظيمة برجالها ونسائها معًا، تسير بثقة نحو المستقبل، بخطى متوازنة، وعزيمة لا تلين.